
إعداد- كريمة حسين
كنوز.نيوز
في عالم المجوهرات الفاخرة، لا يكمن سحر الأحجار الكريمة في لونها أو ندرتها فحسب، بل في القَصة- شكل القطع- التي تحملها، والتي تمنحها هويتها المتفرّدة. فشكل تقطيع الحجر الكريم ليس مجرد تفصيل جمالي، بل هي فن دقيق يصنع البريق، ويُظهر اللون، ويضفي على كل قطعة مجوهرات طابعًا فريدًا لا يتكرر.
تُعدّ القَصّة – القطع- من أبرز العناصر التي تؤثر في جمال الحجر وتظهر تأثيره البصري؛ إذ يمكنها أن تغيّر شكل القطعة بالكامل. فشكل القطع لا يحدّد فقط الإطلالة النهائية للحجر، بل ينعكس أيضًا على مدى لمعانه، وحجمه كما يبدو للعين، ودرجة انسجامه مع تقنيات الترصيع المختلفة، وكل ذلك يؤثر بشكل مباشر على الإحساس بالحجم والبريق الذي تمعكسه القطعة لمن يراها أو يرتديها.
من هنا، يأتي هذا الدليل ليقدّم نظرة شاملة على أشهر وأهم قصّات الأحجار الكريمة، مع توضيح خصائص كل منها، لمساعدتك على اختيار الشكل الأنسب الذي يُعبّر عن ذوقك، ويعكس هوية علامتك التجارية بتميّز وأناقة.
لماذا يُعدّ شكل الأحجار الكريمة مهمًا في تصميم المجوهرات؟
في عالم تصميم المجوهرات، لا يُترك شيء للصدفة، فكل تفصيلة تخضع لاعتبارات جمالية وفنية دقيقة، وعلى رأسها قصّة الحجر الكريم. فقبل أن تُدرج الأحجار الكريمة في قطعة مجوهرات، تمرّ بعملية قصّ وصقل دقيقة وهى تُعدّ من أهم مراحل إبراز جمالها. لا تمنح هذه العملية الحجر شكله النهائي فحسب، بل تضفي عليه بريقًا ولمعانًا استثنائيين من خلال الأسطح التي تعكس الضوء بصورة أفضل.
ويُعدّ فن قصّ الأحجار الكريمة من أقدم المهارات في مجال المجوهرات، ويعتمد اختيار نوع القصّة على عدة عوامل، منها حجم الحجر الخام، وجودته، وخصائصه الداخلية، بالإضافة إلى توجّهات السوق والطلب العام. كما يمكن للقصّ المحترف أن يُبرز الجمال الكامن في الحجر أو يُخفي بعض العيوب الطبيعية داخله، مما يرفع من قيمته السوقية ويُعزّز جاذبيته البصرية.

ولا تقتصر أهمية القصّ على الجانب البصري فحسب، بل تلعب دورًا في كيفية انعكاس الضوء واللون، وتحديد جماليات الحجر، وإبراز تفرّده بين ملايين القطع الأخرى.
- أولاً . تعزيز الجمال
من أبرز الأسباب التي تجعل قطع الأحجار الكريمة مهمة هو قدرتها على تعزيز الجمال الأصلى للحجر.
فالحجر الذي تم قطعه باحترافية سيُظهر لونه ونقاءه ولمعانه بأفضل شكل ممكن.
فعلى سبيل المثال، فإن الألماس المقصوص بدقة وبتناسق في الأبعاد والزوايا، يعكس الضوء ويكسره بطريقة تُعظّم من بريقه وتألقه.
أما الألماس الذي تم قطعه بشكل غير صحيح، فقد يبدو باهتًا ومفتقرًا للحيوية، مما يُفقده سحره المعروف.
- ثانياً . تعظيم الانعكاس الضوئي:
تُسهم طريقة القطع أيضًا بشكل كبير في تعظيم استجابة الحجر للضوء.
كل نوع من القطع يتم تصميمه بعناية ليُحسّن من انعكاس وانكسار الضوء داخل الحجر، ما يخلق عرضًا مبهراً من الألوان والبريق.
يتم احتساب زوايا وأسطح الحجر (الفاسيت) بدقة، لضمان دخول أكبر كمية ممكنة من الضوء، وانعكاسه عبر السطوح الداخلية، ثم خروجه عبر التاج (الجزء العلوي)، مما يبهج الناظر ببريق آسر.
ومن أبرز الأمثلة على هذا المفهوم هو القطع البرّاق (brillante)، الذي صُمم خصيصًا لتكثيف انعكاس الضوء وإنتاج مشهد مدهش من التألق.
- ثالثاً. إبراز النقاء:
يمكن لأسلوب القطع أن يُؤثّر بشدة في إبراز نقاء الحجر الكريم.
فالطريقة التي يُقطّع بها الحجر قد تُخفي أو تُبرز الشوائب والعيوب الداخلية.
الخبير المحترف في التقطيع سيضع الفاسيت- الوجه بشكل مدروس لتقليل بروز العيوب، مما يُبرز نقاءً بصريًا عاليًا.
أما في حال كان القطع رديئًا، فقد تُصبح الشوائب أكثر وضوحًا، وهو ما يُقلل من جمال الحجر وقيمته.
لذا، فإن الدقة في التقطيع تلعب دورًا أساسيًا في كشف النقاء الحقيقي للأحجار، وتُعد عنصرًا أساسيًا لكل من علماء الأحجار والمشترين على حد سواء.
- رابعاً. إبراز اللون:
جانب حيوي آخر في القطع هو قدرته على تعزيز أو تغيير إدراك لون الحجر.
أنواع القطع المختلفة قد تُبرز اللون بطرق متنوعة:
- مثلًا، القطع “برنسيس” (Princess cut) يُضفي كثافة على اللون.
- أما القطع الزمردي (Emerald cut) فيُركّز على وضوح اللون وعمقه.
لذا فإن اختيار نوع القطع قد يكون قرارًا شخصيًا، مبنيًا على الذوق والتأثير البصري المطلوب، حيث يجب أن يتناغم القطع مع لون الحجر، ليُبرز درجاته اللونية الفريدة بأفضل صورة.
- خامساً. انعكاس للبراعة الحرفية:
القطع لا يُعزز فقط جمال الأحجار وقيمتها، بل يُجسّد أيضًا براعة وخبرة القاطع.
إن فن تقطيع الأحجار يتطلب دقة، مهارة، وفهمًا عميقًا لتفاعل الضوء مع الفاسيت والزوايا المختلفة.
الحجر المصقول بإتقان يُعد شهادة حية على موهبة القاطع وتفانيه، إذ يستطيع أن يُحوّل حجراً خاماً إلى عمل فني ساحر.
ويُعتبر القطع في هذه الحالة تمثيلًا بصريًا للمهارة والخبرة، ما يضيف طبقة أخرى من التقدير لقيمة الحجر.
.. يتبع