جواهر التاج الإيراني: كنوز لا تُقدر بثمن

 في عام ٢٠٢٣ أعلن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية وقتئذ علي بهادري جهرمي، أن التاجين الخاصين بشاه إيران الراحل وزوجته غير موجودين بضمن المجوهرات الملكية مدعيا أن الشاه محمد رضا بهلوي وزوجته الشاهبانو فرح ديبا، سرقا التاجين قبل رحيلهما عام 1979، مطالبا بالتحقيق في الممتلكات التي تخص شعب إيران، والتي تم إخراجها من البلاد من جانب عائلة بهلوي عام 1979 في “محكمة قضائية. حيث يضم التاجان 5000 قطعة ماسية، وهو ما قامت بنفيه شهبانو فرح بهلوي، زوجة الشاه الراحل محمد رضا بهلوي قائلة: “إن ادعاء مغادرة التاج البلاد، “باطل”.

ومن جانبه نشر وزير السياحة والآثار الإيراني حينئذ عزت الله ضرغامي تغريدة  كذّب خلالها مزاعم المتحدث باسم الحكومة الإيرانية ، وأكد آنه أنه زار “كنز المجوهرات العتيقة” في البنك المركزي ونشر صورة لكلا التاجين. وتم عرض تيجان “بهلوي” و”شهبانو” للجمهور في متحف المجوهرات الملكية لسنوات عديدة، لكن مع تفشي وباء كورونا في فبراير/شباط 2020، تم إغلاق المتحف، وأثارت هذه المسألة التكهنات حول مصير التيجان. 

تاج الشاه: “تاج بهلوي” صنع عام 1926 بأمر من رضا شاه في حفل تتويجه، كما ارتدى محمد رضا شاه نفس التاج خلال حفل تتويجه.

تاج الشهبانو: صنع عام 1967 لملكة إيران السابقة، وشهبانو فرح بهلوي هي الملكة الوحيدة في تاريخ إيران المعاصر التي تتوج رسميًا. استغرق تصميمه وصنعه ستة أشهر من دار هاري ونستون، حيث حضر فريق العمل لإيران لصنع التاج، بسبب منع القانون الإيراني وقتها خروج مجوهرات ،ممتلكات إيران من البلاد.

وتم صنع التاجين باستخدام الجواهر الملكية، وهي عبارة عن مجموعة متنوعة من الأشياء الثمينة التي جمعها ملوك مختلفون من العصر الصفوي.

جواهر التاج الإيراني.. تحت إشراف البنك المركزي

وهذا الكنز، الموجود حاليًا في البنك المركزي الإيراني محفوظ في متحف المجوهرات الملكية. حيث يحتوي البنك المركزي الإيراني مجموعة من أندر المجوهرات والتحف الثمينة والتي تم وضعها في خزانة الدولة بالبنك المركزي كدعم للعملة الإيرانية، ويتم عرض بعضها في ٣٧ جناح بمتحف خاص تابع للبنك المركزي الإيراني وتحت إشرافه.

الأمر الذي سلط الضوء على مقتنيات إيران من كنوز ملكية من جواهر التاج الإيراني، التي تعد من أفضل وأندر مجموعة من اللؤلؤ الطبيعي والماس النادر في العالم. تحتوي المجموعة على العديد من التيجان وثلاثين تيجان والعديد من العروش والسيوف المرصعة بالجواهر والمزهريات والأطباق والأباريق والعديد من الأحجار الكريمة السائبة والماس واللؤلؤ. إنها ذات قيمة كبيرة لدرجة أنها تستخدم كاحتياطي لدعم العملة الإيرانية.

وقد صرح أحد خبراء المجوهرات بدار تيفاني في حوار له بإحدى الصحف الكندية قبل ما يقرب من ٦٠ سنة، قائلا: “المجوهرات الملكية البريطانية لافتة للنظر كما المجوهرات الروسية والتركية، ولكن في عالم اليوم مجموعة المجوهرات الملكية الإيرانية أسطورية ورائعة من حيث الجودة والمقدار. وكلما نظرت إلى الصور التي أمتلكها لها، لا أصدّق كمية الجواهر التي في حوزتها”.

تنتمي بعض هذه المقتنيات إلى كنوز الملوك في الدولة الصفوية في القرن الـ15 ميلادي، إلا أن إرث الصفويين من المقتنيات كان ضئيلا وغير مسجل، ومع بداية عهد سلاطين الشيعة بدأوا الاهتمام جمع الكنوز والأحجار الكريمة والذهب والفضة، حيث صب ملوك إيران اهتمامهم على جلب المجوهرات الهندية والعثمانية والفرنسية والإيطالية إلى مدينة أصفهان، عاصمة الدولة الصفوية.وهذا ما أكده الرحالتان الفرنسيان اللذان زارا إيران في القرن السادس عشر، جان شاردان، وجان بابتيست تافيرنييه.

وعند قيام الدولة الأفشارية سنة 1739، غزا مؤسسها نادر شاه أفشار الهندَ، واستعاد بعض المجوهرات المسروقة من إيران قبل سنوات، وأضاف إليها غنائم أخرى من الحلي الهندية.

وبعد اغتيال نادر شاه أفشار، سُرقت خزانة الدولة من جديد على يد أحد قادة الجيش، ومن ضمن هذه المسروقات التي تم الاستيلاء عليها في القرن الثامن عشر، قطعة ألماس تُسمّى “جبل النور”، إذ كانت أكبر القطع حجماً في العالم، ويبلغ وزنها 105 قراريط، أي ما يعادل 21 غراماً.

خرجت ولم تعد حتى اليوم، حيث استحوذت عليها شركة الهند الشرقية، ثم أهدتها إلى الملكة فيكتوريا في سنة 1877، وأصبحت جزءاً من الخزانة الملكية البريطانية حتى اليوم، إذ يُحتفظ بها اليوم مع بقية المجوهرات في برج لندن في القصر التاريخي على الضفة الشمالية لنهر التايمز.

بعد وصول القاجاريين في نهاية القرن الثامن عشر إلى السلطة، لم يتغيّر الكثير في كنوز مجوهرات الملوك، وفي عهد مظفر الدين شاه القاجاري، أمر بفهرسة المجوهرات بشكل دقيق لأول مرة.

ومع بداية عهد “البهلوية في العقد الثالث من القرن العشرين، أمر مؤسسها رضا شاه بهلوي، بأن يُصنع له تاج مختلف لمراسيم التتويج في سنة 1926، وأطلق على تاجه: “التاج البهلوي”.

قرر البرلمان الإيراني بعد عشر سنوات من حفل التتويج ذاك أن يتم إيداع معظم المجوهرات الملكية في البنك الوطني كدعم للعملة الإيرانية، ومع تأسيس البنك المركزي في سنة 1960، انتقلت الخزانة إليه وما زالت محفوظةً فيه حتى اليوم، كما يُعرض جزء منها في متحف المجوهرات التابع للبنك.

وإليكم بعض من هذه التحف النادرة التي لا تقدر بثمن، والتي تعد مجوهراتها من التحف الثمينة المصنوعة بواسطة أشهر دور المجوهرات التاريخية وبعضها ينتمي لعصور قديمة ومنها جوهرة قيمة تم التنازع عليها بين إيران والهند على مدار قرون عديدة.

تخت الطاووس

صنع الفنانون في مدينة أصفهان التخت المرصّع، بأمر من فتح علي شاه القاجاري سنة 1801، وسُمّي بـ”تخت خورشيد”، أي الشمس، إذ كان يمتلك مرآةً على هيئة الشمس.

ولكن بعد أن قضى الشاه ليلة زفافه على تخت خورشيد مع إحدى زوجاته الـ169، واسمها طاووس الملقّبة بتاج الدولة، وهي في الخامسة عشرة من عمرها، قرر أن يطلق عليه اسم “تخت طاووس”، وذلك في سنة 1809، ليبقى الاسم متداولاً حتى اليوم، وهو اسم لشارع كبير في وسط طهران.

تربّع الملوك جميعهم من بعده على التخت، المصقول والمنقوش والمطرز بـ22 ألف قطعة من الأحجار الكريمة، وتفاصيلها كالتالي: 1،444 قطعة ألماس، و1،431 من الزمرد، و885 من الياقوت، و797 من حجر اللعل، و4،527 من بقية الأحجار الكريمة وشبه الكريمة. كما كُتبت أشعار في ثناء ملوك القاجار على جنبات التخت، وهناك نقش التنين تحته.

ألماس بحر النور

هي من أغلى قطع الألماس وأفخمها، وتشتهر بأنها أكبر قطعة حول العالم من الألماس وردي اللون، كان قد جلبها معه كغنيمة حربية، نادر شاه أفشار في غزوته للهند.

ووفقاً لآخر مرة تم فيها وزنها في آذار/مارس 2016، وصل ثقلها إلى 57/ 180 قيراطاً، أي ما يعادل 36 غراماً. ولونها الوردي الخفيف واحد من أندر الألوان في الألماس اللامع.

كان ناصر الدين شاه القاجاري، يعتقد بأن ألماس بحر النور، التي امتلكها سنة 1848، عند وصوله إلى العرش، جوهرة من جواهر تاج الملك كوروش، أحد أشهر ملوك الفرس ما قبل الإسلام. لذا اهتم كثيراً بها، وكان يضعها على ذراعه، ثم أمر بأن يُصنع لها إطار مصغّر مزيّن بالشارة الملكية (الشمس والأسد)، وقد أضيفت إلى إطارها 457 قطعةً من الألماس، و4 من الياقوت صغيرة الحجم.

التاج الكياني

قبل أن يأمر فتح علي شاه، ثاني ملوك القاجار، بصناعة عرش الطاووس، كان قد طلب تاجاً ملكياً في سنة 1797، ليبقى تاج سلاطين القاجاريين حتى نهاية حكمهم. التاج ارتدى عند تتويج ملوك إيران خلال أسرة قاجار (1796-1925). يتكون من ١٨٠٠ لؤلؤة وآلاف الحجارة.

بعد دخول الإسلام إلى إيران، كان تاج السلاطين عبارةً عن عمامة تُسمّى “جِقِه”، مطرزة بالريش والأحجار الكريمة كما هو الحال في الدولة العثمانية وبقية المماليك الإسلامية، فهكذا صُنع التاج الكياني. وفي عهد رابع ملوك القاجار ناصر الدين شاه، تم تغيير العمامة، وأضيفت إليها أعداد أخرى من الزمرد والألماس والريش، وحصل تغيير في تركيبة هذه الأشياء في التاج. وأخذ رسم التاج يُطبع على العلم الإيراني، والعملات النقدية وأوسمة الشرف والطوابع.

الكرة الأرضية

كرة أرضية من جواهر التاج الفارسي. تزن أكثر من 34 كيلوغرامًا من الذهب الخالص، ومرصعة بأكثر من 51,000 حجر كريم ما بين ماس وزمرد وياقوت وياقوت أزرق. صُنعت في عهد شاه ناصر الدين، 1848-1896

 الدرع النادر

:درع يرتديه نادر شاه في الحرب مصنوع من جلد وحيد القرن مع ياقوت عيار 225 في المنتصف.

عرش ناديري

صنع خلال عهد أسرة قاجار. يتكون من 22,000 حجر ومجوهرات كريمة.

الحزام الذهبي

حزام ذهبي بطول 119 سم زمرد فريد من نوعه 176 قيراط في المركز وأكثر من 200 ألماس في كل مكان.

نور العين التياران

ارتدتها فرح ديبا خلال حفل زفافها، من تصميم هاري ونستون واشتهرت بالألماس النادر.

 قلادة الملكة

قلادة مصنوعة يدوياً من تصميم فان كليف آند آربلز لفرح ديبا بهلوي

مجوهرات بيزلي

وهي الأشهر في إيران، صممت منذ أكثر من مائة عام.

حوض وإبريق ملكي

يستخدمه ملوك قاجار أثناء الوجبات.

السيف الملكي

سيف بطول متر أهداه أمير سلطان إلى نصر الدين شاه.

الخنجر الذهبي

خنجر من عهد فتح علي شاه مزينة بالياقوت عيار 60 

الصور: كرنفال إيران

Related Posts

Mark Devis وإحياء الباكيلايت إلى عالم المجوهرات الفاخرة

كتبت- كريمة حسين ببراعة وإصرار، يعيد المصمم مارك ديفيس تحويل قطع الباكيلايت- Bakelit- القديمة المصنوعة من البلاستيك الملون إلى مجوهرات فريدة وجذابة. من دومينو قديم ومصابيح وكريات بلياردو، يحوّل ديفيس هذه القطع إلى أساور وخواتم وأقراط مذهلة، مزينة بالأحجار الكريمة والماس. ويقول: “نشتري القطع التي لا يريدها أحد ونحوّلها إلى مجوهرات فاخرة، كل قطعة مصنوعة يدويًا وفريدة من نوعها. لا شيء يضيع، وكل قطعة تحمل روحها الخاصة”. رحلة الابتكار…

Read more

Continue reading
“K-Jewellery”: المجوهرات الكورية تتألق عالميًا بتصاميم عصرية وأسعار تنافسية

إنطلاقاً من الشعبية العالمية الواسعة لكل ما هو كوري – من الدراما والموسيقى إلى مستحضرات التجميل والموضة –يسعى قطاع المجوهرات في كوريا الجنوبية نحو الأسواق العالمية، مستفيدًا من التغيرات في توجهات المستهلكين حول العالم،ومستندًا إلى تصاميم عصرية وأسعار تنافسية، وسط تحديات داخلية وبيئة اقتصادية متقلبة. ففى ظل تراجع الطلب المحلي بفعل الظروف الاقتصادية، تتطلع شركات المجوهرات الكورية إلى الخارج، مدفوعة برؤية استراتيجية تجمع بين الابتكار والتسويق المرتكز على…

Read more

Continue reading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *