التحول الجذري: حقائق جديدة في سوق الماس بالصين

.

يخضع سوق الماس الصيني، الذي كان في يوم من الأيام يبدو كقوة لا يمكن ايقافها في قطاع الفخامة، لإعادة تشكيل كبيرة خلال الأيام الحالية. وفي هذا التقرير يقوم كبير المحللين والباحثين المقيمين في الصين، ليانغ ويتشانغ، برسم خريطة لاتجاهات الطلب الرئيسية، وتشريح الدوافع الأساسية، والنظر في التعديلات الاستراتيجية المطلوبة للصناعة للتكيف مع حقائق السوق الجديدة في الصين. عفلى مدى السنوات القليلة الماضية، شهد سوق الماس الصيني تحولا ملحوظا، مما يعكس تحولات أوسع في سلوك المستهلك والديناميات الاقتصادية.

وفقا لبيانات جمعية تجارة الأحجار الكريمة والمجوهرات في الصين، لقد انكمش حجم سوق الماس بشكل حاد من 100 مليار يوان في عام 2021 إلى 43 مليار يوان في عام 2024، مما يمثل انخفاضا بنسبة 57٪. وانخفضت أيضا حصة الماس من سوق المجوهرات الإجمالية من 14٪ إلى 6٪ خلال نفس الفترة.

تمثل هذه الأرقام تحولا كبيرا للصناعة التي كانت تعتبر سابقا ركيزة سريعة النمو للقطاع الفاخر في الصين. ومع ذلك، بدلا من الإشارة إلى انكماش بسيط، قد يشير المشهد المتطور إلى إعادة تنظيم أوسع لقيم المستهلك وهياكل السوق والأولويات الاستراتيجية.

السوق في مرحلة انتقالية: من التوسع إلى الانكماش
كان قطاع الماس رمزا للرفاهية والرومانسية ولكنه يواجه الآن تغييرات هيكلية كبيرة، فخلال نفس الفترة التي انخفض فيها الطلب على الماس، عززت المجوهرات الذهبية هيمنتها، ونمت من٥٨٪ إلى ٧٣٪  من حصتها في السوق. وفي الوقت نفسه، أظهرت فئات أخرى مثل اليشم واللؤلؤ تقلبات كبيرة. توسع سوق اليشم في البداية ولكنه تقلص بشكل حاد بحلول عام ٢٠٢٤، في حين شهدت اللؤلؤ زيادة تلاها تراجع مرة أخرى.  في حين أظهر سوق المجوهرات الصيني بشكل عام مرونة ملحوظة، حيث توسع حجمه الإجمالي من ٧٢٠٫٥ مليار يوان في عام ٢٠٢١ إلى ٨٢٠ مليار يوان في عام ٢٠٢٣، قبل أن يتراجع تراجعا طفيفا إلى ٧٧٨٫٨ مليار يوان في عام ٢٠٢٤. وتؤكد هذه التحولات في القطاع على إعادة توازن أوسع عبر نوعية المجوهرات بدلاً من الانخفاض الصريح في اهتمام المستهلك.

إحصاءات الاستيراد تعكس تعديلات السوق:

تعزز بيانات الاستيراد قصة التعديل. فالبيانات الواردة من الإدارة العامة للجمارك في الصين أظهرت أن حجم الماس عالي الجودة (رمز النظام المنسق 710231، 710239) المستورد بموجب شروط التجارة العامة انخفض بنسبة ٧٣٪ بين عامي ٢٠٢١، ٢٠٢٤، مع انخفاض قيمة الواردات بشكل أكثر حدة بنسبة ٨٣٪. في حين أن الحجم انخفض بنسبة ٤٪ فقط على أساس سنوي في عام ٢٠٢٤، فإن الانخفاض المقابل بنسبة ٤٠٪ في القيمة يشير إلى تصاعد الضغط الهبوطي على أسعار الماس. التي انخفضت بدورها.

قد يشير اتجاه التسعير هذا إلى كل من التغييرات في هياكل الطلب الاستهلاكي والتحولات في ديناميات العرض. وتشير البيانات كذلك إلى أن سوق الماس في الصين لا يتقلص فحسب، بل أنه ربما يتطور وينمو نحو قطاعات ومنتجات أخرى أكثر وبأسعار معقولة ومتباينة.

المستهلكون الجدد: إعلاء القيمة على المكانة

أحد أكثر محركات مناقشات التغيير هو التحول في العقلية لدى المستهلكين الأصغر سنا. فجيل الألفية والجيل Z  يعتقد أنهم يعطون الأولوية للفردية والاعتبارات الأخلاقية والوعي بالقيمة. بالنسبة للكثيرين، لم يعد الماس بمثابة الرمز النهائي للمكانة، بل كواحد من بين العديد من مظاهر التعبير عن الهوية الشخصية.

يعد القبول المتزايد للماس المزروع في المختبر – مع روايات الاستدامة والتسعير الذي يسهل الوصول إليه –  يعد عاملا آخر يدعم هذا التطور. وفي نفس الوقت لا يزال الماس الطبيعي يحتفظ بجاذبيته الجوهرية، الأمر الذي جعل المشهد التنافسي بلا شك أكثر تعقيدا.

التيارات الاقتصادية الخفية والفكر الاستثماري.

لا يمكن تجاهل تأثيرات الاقتصاد الكلي. في مناخ من النمو المعتدل للناتج القومي الإجمالي والإنفاق الحذر، ينجذب المستهلكون الصينيون بشكل متزايد إلى المشتريات ذات القيمة المالية الحقيقية. مما يفسر سر صعود المجوهرات الذهبية التي يتم الاتجاه إليها من منطلق الرغبة في الجمع ما بين الزينة والأمان الاستثماري، فأصبح الذهب اقتراحا جذابا في أوقات عدم اليقين.

على النقيض من ذلك، يتطلب عرض القيمة الأكثر تكلفة للماس تطورا مستمرا في طريقة التسويق. حيث يجب على العلامات التجارية العمل بجدية أكبر لإعادة التواصل مع المستهلكين على المستوى العاطفي والرمزي، وتجاوز طريقة سرد المعاملات والعروض.

استراتيجيات إعادة التفكير: ما وراء مبدأ “مقاس واحد يناسب الجميع”

سيكون من السابق لأوانه النظر إلى الانكماش الحالي على أنه محطة. بدلا من ذلك، قد تمثل هذه التحولات نقطة تغيير حاسمة. فاللاعبون الناجحون من المرجح أن يكونوا هم الذين يتقدمون بعروضهم المميزة، ويعززون قدرتهم على سرد قصصهم، ويستخدمون النظم الإيكولوجية الرقمية.

علاوة على ذلك، يوفر التنوع الإقليمي للصين فرصا. فالمدن الناشئة خارج بكين وشنغهاي تضم مستهلكين فاخرين جدد بأذواق وتوقعات متميزة. لذلك قد يكون اتباع نهج محلي مصمم خصيصاً أمراً ضرورياً لإعادة تنشيط الطلب.

السوق يعيد تنظيم ذاته

. باختصار، في حين أن قطاع الماس الصيني يواجه رياحا معاكسة لا يمكن إنكارها، إلا أنه لا يزال سوقا واعدة ذات إمكانات كبيرة. القصة التي تتكشف ليست قصة انحدار، بل إعادة توجيه. سيعتمد النجاح في المستقبل على مدى القدرة على تفهم الصناعة للتطلعات المتطورة للمستهلكين الصينيين – ومهارتها في استطلاع التفاعل بين التقاليد والابتكار والقيمة..


ليانغ ويزهانغ، الرئيس التنفيذي لشركة” هب-ويز جيوليري ستراتيجيك كرييشن”

.، هو محلل أول وباحث استراتيجي في صناعة المجوهرات. وهو الرئيس المؤسس لبورصة قوانغتشو للماس ونائب رئيس جمعية قوانغدونغ للذهب. مع ما يقرب من 30 عاما من الخبرة في قطاعات الماس والذهب والمجوهرات في الصين ودوليا، تقدم ليانغ رؤية عميقة في الصناعة وشبكة مهنية قوية. تدعم شركته شركات المجوهرات من خلال الاستشارات الاستراتيجية والمشورة الصناعية والوصول إلى الأسواق العالمية.

المصدر: GJEPC

Related Posts

بنك HSBC يرفع توقعاته لأسعار الفضة بدعم من قوة الذهب وتصاعد المخاطر الجيوسياسية

كتبت- كريمة حسين في خطوة تعكس التطورات المتسارعة بأسواق المعادن الثمينة، أعلن بنك HSBC عن رفع توقعاته لأسعار الفضة للأعوام الثلاثة المقبلة، 2025 و 2026 و2027، مدفوعًا بارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية وزيادة الطلب على الملاذات الآمنة فى ظل  تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية وأشار البنك في تقريره الأخير إلى أن متوسط سعر الفضة قد يبلغ 35.14 دولارًا للأوقية في 2025، مقابل تقديرات سابقة عند 30.28 دولارًا، على أن يسجل 33.96 دولارًا…

Read more

Continue reading
شركات المجوهرات تلجأ لتقنية Vermeil للتغلب على ارتفاع أسعار الذهب

كتبت- كريمة حسين تشهد أسواق الذهب العالمية تقلبات حادة مع استمرار الأسعار قرب مستويات قياسية غير مسبوقة، مما دفع العديد من تجار المجوهرات إلى إعادة ابتكار استراتيجياتهم التسويقية الجديدة لتجنب فقدان العملاء. فقد سجل الذهب في أبريل 2025 أعلى سعر في تاريخه عند 3,500 دولار للأونصة (31.1 جرام تقريبًا)، قبل أن يتراجع قليلًا ويتأرجح بين 3,000 و3,200 دولار، ثم يعاود الصعود مجددًا إلى نحو 3,400 دولار مؤخرًا، وسط حالة من الغموض…

Read more

Continue reading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *